
مساهمة منه في اثراء الفضاء الثقافي للموقع أبرق الأستاذ المميز بوداود عمير هذه المساهمة بمناسبة اليوم العالمي للترجمة وإذ يشكر الموقع هذه الالتفاتة وننتظر منه مساهمات أخرى في مجالات الثقافة والابداع.
بوداود عميّر: كاتب ومترجم جزائري، من مواليد مدينة العين الصفراء في الجنوب الغربي الجزائري
ترجم العديد من الكتب من اللغة الفرنسية، وكتب العديد من القصص القصيرة نشرها في الصحف، وجمعها في كتاب يحمل عنوان: “صوب البحر”
كما كتب ولا يزال، العديد من المقالات الأدبية في مختلف المجلات والصحف الجزائرية والعربية
في اليوم العالمي للترجمة
– بين يديّ كتاب في غاية الأهمية، ألفه الصديق الدكتور محمد جديدي، أستاذ الفلسفة بجامعة قسنطينة، صدر سنة 2019؛ يحمل عنوان:” الترجمة رؤية فلسفية”، ويقع في 264 صفحة؛ الكتاب عبارة عن أوراق بحثية، قدّم بعضها في صيغة مداخلات وبحوث ضمن ملتقيات دولية ووطنية، وبعضها الآخر شكل محور تأمل وتحرير نظري
الكتاب يتضمن في مدخله، تجربة المؤلف مع عالم الترجمة، فيما يشبه سيرة ذاتية، وهي تجربة شيّقة ومثيرة للإعجاب. كان طموح الكاتب منذ الصغر وهو يعيش في قرية صغيرة اسمها “الشتمة” في ولاية بسكرة، عندما كان يشاهد قوافل السياح يزورون قريته، وهم يتحدثون بشتى اللغات، أن يجيد أكثر من لغة، أن يصبح polyglotte أي متعدد اللغات؛ كان حلماً صار مع مرور الزمن واقعا وحقيقة
هكذا حرص على تعلم اللغتين الفرنسية والانجليزية في المدرسة من الطور الابتدائي إلى الثانوي، بالقراءة الجادة دون الاكتفاء بالمناهج المدرسية، إلى أن تمكن من التحكم فيهما. ولم يكتف بذلك، انجذب محمد جديدي، أثناء دراسته الجامعية إلى اللغة الألمانية “وكيف لا أنجذب إليها، وجلّ الفلسفة الحديثة والمعاصرة متمركزة لدى الألمان”، كما قال؛ وسرعان ما لفتت انتباهه اللغة الاسبانية، ليدرسها لمدة سنتين “اكتشفت من خلالها عالما آخر” يقول
هكذا أثمر الاشتغال الترجمي لمحمد جديدي، خمسة مؤلفات فلسفية في غاية الأهمية، من لغات مختلفة؛ يصدرهما كتابان، ألفهما كل من الفيلسوف الألماني المعاصر: هابرماس، والفيلسوف وعالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر. إلى جانب اشتغاله العميق لمسائل وقضايا فلسفية شائكة ومتنوعة، لا سيما الفلسفة الإغريقية، والتي أثمرت ثلاثة أجزاء:
الجزء الأول مخصص للفلسفة الإغريقية الهلينية، والثاني للفلسفة الإغريقية الهلينستية والثالث قضايا إشكالية في الفلسفة الإغريقية استخلصها من دراسة بعض مسائلها كمصادرها وحقبها ومدارسها؛ وقد صدرت جميعها عن منشورات الاختلاف بالجزائر
الدكتور محمد جديدي، من الكفاءات العلمية والمعرفية الحقيقية، التي تزخر بها الجزائر، لو أتيح له إمكانيات التفرّغ والحافز المادي والمعنوي، لأثرى المكتبة الجزائرية والعربية بأمهات الكتب في الفكر والفلسفة، ترجمة واشتغالا فكريا.